سورة الرعد - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الرعد)


        


قوله تعالى: {ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك...} الآية، سبب نزولها أن اليهود عيَّروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكثرة التزويج، وقالوا: لو كان نبياً كما يزعم، شغلته النبوَّة عن تزويج النساء، فنزلت هذه الآية، قاله أبو صالح عن ابن عباس. ومعنى الآية: أن الرسل قبلك كانوا بشراً لهم أزواج، يعني النساء، وذريَّة، يعني: الأولاد. {وما كان لرسول أن يأتي بآية إِلا بإذن الله} أي: بأمره، وهذا جواب للذين اقترحوا عليه الآيات.
قوله تعالى: {لكل أجل كتاب} فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: لكل أجل من آجال الخَلق كتاب عند الله، قاله الحسن.
والثاني: أنه من المقدّم والمؤخّر، والمعنى: لكل كتاب ينزل من السماء أجل. قاله الضحاك والفراء.
والثالث: لكل أجل قدَّره الله عز وجل، ولكل أمر قضاه، كتاب أُثبت فيه، ولا تكون آية ولا غيرها إِلا بأجل قد قضاه الله في كتاب، هذا معنى قول ابن جرير.


قوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم: {ويثبت} ساكنة الثاء خفيفة الباء. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: {ويثبِّت} مشددة الباء مفتوحة الثاء. قال أبو علي: المعنى: ويثبِّته، فاستغنى بتعدية الأول من الفعلين عن تعدية الثاني.
واختلف المفسرون في المراد بالذي يمحو ويثبِت على ثمانية أقوال:
أحدها: أنه عامّ، في الرزق، والأجل، والسعادة. والشقاوة، وهذا مذهب عمر، وابن مسعود، وأبي وائل، والضحاك، وابن جريج.
والثاني: أنه الناسخ والمنسوخ، فيمحو المنسوخ، ويثبت الناسخ، روى هذا المعنى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير، وقتادة، والقرظي، وابن زيد. وقال ابن قتيبة: {يمحو الله ما يشاء} أي: ينسخ من القرآن ما يشاء {ويثبت} أي: يدعه ثابتاً لا ينسخه، وهو المُحكَم.
والثالث: أنه يمحو ما يشاء، ويثبت، إِلا الشقاوة والسعادة، والحياة والموت، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، ودليل هذا القول، ما روى مسلم في صحيحه من حديث حذيفة بن أَسِيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِذا مضت على النطفة خمس وأربعون ليلة، يقول الملَك الموكَّل: أذَكر أم أنثى؟ فيقضي الله تعالى، ويكتب الملَك، فيقول: أشقي، أم سعيد؟ فيقضي الله، ويكتب الملَك، فيقول: عمله وأجله؟ فيقضي الله، ويكتب الملَك، ثم تطوى الصحيفة، فلا يزاد فيها ولا يُنقص منها».
والرابع: يمحو ما يشاء ويثبت، إِلا الشقاوة والسعادة لا يغيَّران، قاله مجاهد.
والخامس: يمحو من جاء أجله، ويُثبت من لم يجئ أجله، قاله الحسن.
والسادس: يمحو من ذنوب عباده ما يشاء فيغفرها، ويثبت ما يشاء فلا يغفرها، روي عن سعيد بن جبير.
والسابع: يمحو ما يشاء بالتوبة، ويثبت مكانها حسنات، قاله عكرمة.
والثامن: يمحو من ديوان الحفظة ما ليس فيه ثواب ولا عقاب، ويثبت ما فيه ثواب وعقاب، قاله الضحاك، وأبو صالح. وقال ابن السائب: القول كلُّه يُكتَب، حتى إِذا كان في يوم الخميس، طُرح منه كل شيء ليس فيه ثواب ولا عقاب، مثل قولك: أكلتُ، شربت، دخلت، خرجت، ونحوه، وهو صادق، ويُثبت ما فيه الثواب والعقاب.
قوله تعالى: {وعنده أُمُّ الكتاب} قال الزجاج: أصل الكتاب. قال المفسرون: وهو اللوح المحفوظ الذي أُثبت فيه ما يكون ويحدث وروى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِن الله تعالى في ثلاث ساعات يبقَين من الليل ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره، فيمحو ما يشاء ويثبت» وروى عكرمة عن ابن عباس قال: هما كتابان، كتاب سوى أم الكتاب يمحو منه ما يشاء ويثبت، وعنده أُمُّ الكتاب لا يغيَّر منه شيء.


قوله تعالى: {وإِمّا نُرينَّك بعض الذي نعدهم} أي: من العذاب وأنت حيٌّ أو {نتوفَّينَّك} قبل أن نريَك ذلك، فليس عليك إِلا أن تبلّغ، {وعلينا الحساب} قال مقاتل: يعني الجزاء. وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس أن قوله: {فإنما عليك البلاغ} نُسخ بآية السيف وفرض الجهاد، وبه قال قتادة.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11